ينتظر أن يكون 2024، هو العام الذي نشهد فيه الانتقال من عصر رواد الأعمال في المكاتب إلى رواد الأعمال من المنازل. وهذا ليس مجرد اتجاه عابر، بل حركة قوية، تعيد تشكيل الطريقة التي نفكر بها في العمل والحياة.
مشهد 2024 لرواد الأعمال من المنزل
بالنسبة للكثير من أصحاب الأعمال كانت جائحة كورونا قبل 3 أعوام حافزا لهذا التغيير. وأجبرت الشركات والأفراد على إعادة التفكير في نموذج التشغيل الخاص بهم. لكن هذا التحول لا يتعلق بمكان العمل فحسب؛ إنها إعادة تصور كاملة للتوازن بين العمل والحياة والعمليات التجارية.
قال أحد رواد الأعمال: بالنسبة لي ولعائلتي، كنا ندير أعمالنا من المنزل بالفعل مطلع 2020، أجبرنا الوباء على التحرك بسرعة عالية لأن هذه الموجة الجديدة بدت وكأنها ستطول وأدركنا حينها أن الأمور لن تعود كما كانت مرة أخرى. ما حدث من حجر صحي في المنازل من الشرق إلى الغرب أكد أن العالم تغير إلى الأبد.
الآن وبعد سنوات من الجائحة أتساءل: إذا كانت كبرى الشركات بعشرات الآلاف من الموظفين نجحت في العمل عن بعد أثناء كورونا، وكل موظف فيها قام بمهمته من المنزل، فما الذي يمنع عملا صغيرا بثلاثة أو أربعة أن يبدأ من المنزل خصوصا أن الدفع الإلكتروني أصبح سهلا، وكذلك إنشاء التطبيقات.
كيف تخدمنا التقنية السهلة؟
في عام 2024 وقبلها بعامين أو أكثر قليلا، تمثل التقنية العمود الفقري للأعمال التجارية من المنزل. ولحسن الحظ، تطورت منصات التجارة الإلكترونية، مما سهل على رواد الأعمال الوصول إلى الأسواق العالمية. سرعان ما أصبح بناء التطبيقات والبرامج بدون تعليمات برمجية معقدة هو القاعدة، مكنت برامج الذكاء الاصطناعي من صناعة تطبيقات بسرعة وسهولة ودون تكلفة تذكر، وسمحت لأشخاص بلا مهارة تقنية تقريبا بالإبداع جنبا إلى جنب مع الشركات العملاقة في صناعة التقنية.
وأضاف لـ “قيود”: خذني أنا كمثال؛ لست مهندس برمجيات، يمكنني على الأكثر إنشاء موقع على “وورد برس” لكن خبرتي تنتهي عند هذا الحد. لحسن الحظ، مع وجود برامج تجارة إلكترونية في السوق مثل زد أو سلة، أصبح بإمكان أصحاب المشاريع أو أي شخص صاحب فكرة، تطوير إستراتيجية سريعة نسبيًا للدخول إلى السوق. مدهش متابعة الإمكانات المتاحة للجميع هذه الأيام. أجد نفسي وكأني رجل عجوز يتحسر على الماضي وأقول: “في أيامي، كانت الأمور أصعب.” وأتمنى أن يفهم الناس مدى سهولة ما هو تحت تصرفهم حاليا.
لا تزال وسائل التواصل الاجتماعي أداة قوية للتسويق وبناء العلامات التجارية، مع ظهور منصات جديدة تلبي بشكل خاص شبكات الأعمال والنمو. بالإضافة إلى ذلك، أدت التطورات في الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي إلى تبسيط العمليات التجارية، بدءًا من روبوتات الدردشة لخدمة العملاء وحتى الحملات التسويقية الآلية. ما كان يستغرق مني 80 ساعة لأقوم به قبل ست سنوات، يستغرق مني الآن ساعتين.
الفرص والمنافذ في ريادة الأعمال المنزلية
هذا العام، بدأت مجالات محددة تزدهر في قطاع الأعمال من المنزل، مع التعليم عبر الإنترنت، والخدمات الصحية الرقمية والمنتجات الصديقة للبيئة من بين الأفضل أداء. على سبيل المثال، من المتوقع أن يصل السوق العالمي للتعليم الإلكتروني (التعليم عبر الإنترنت)، والذي قدر بنحو 250.8 مليار دولار في عام 2020، إلى 457.8 مليار دولار بحلول عام 2026. لكن مجال التعلم الإلكتروني المدفوع، مهدد، مع كل ما يمكن العثور عليه في جوجل أو يوتيوب، يحتاج منشئو الدورات التدريبية عبر الإنترنت إلى تسهيل حصول طلابهم على النتائج التي يبحثون عنها.
التحديات والحلول لأصحاب المشاريع المنزلية
إدارة الأعمال التجارية من المنزل لا تخلو من التحديات. يمكن أن تكون العزلة مشكلة كبيرة، ليس سهلا الحفاظ على حدود واضحة بين العمل والحياة الشخصية عند العمل من المنزل. ولمواجهة ذلك، من الضروري إنشاء مساحة عمل مخصصة وتحديد ساعات عمل واضحة، مع أن القول دائما أسهل من الفعل.
الجزء الأكثر تحديا هو عدم الانغماس الكلي في العمل، لكن عندما تعمل من المنزل، فإنك لا تترك مبنى الشركة والمكتب وكل “الواجبات” خلفك؛ فهي موجودة هناك أمامك في جهاز الكمبيوتر أو الآيباد الخاص بك و تراها طوال الوقت، وأنت غالبا تخرج منها وتعود إليها سريعا، لذا يمكن تحقيق التوازن من خلال إخفاء هذه الأجهزة بعد انتهاء نوبة العمل المحددة.
يعد التواصل، سواء عبر الإنترنت أو شخصيا، أمرا ضروريا أيضا لمكافحة العزلة وتعزيز نمو الأعمال. في النهاية يحتاج كل شخص إلى الخروج من نفق عقله الخاص. ويكون بحاجة إلى منظور خارجي كأصحاب أعمال، وكل من يعمل من المنزل، يسهل عليه أن ينسى ذلك.
النظرة المستقبلية والتنبؤات
وبالنظر إلى ما بعد عام 2024، فمن المرجح أن يستمر اتجاه الأعمال التجارية من المنزل في النمو. وسوف تدعم التطورات التكنولوجية هذا التحول بشكل أكبر، مما يسهل على رواد الأعمال بدء أعمالهم التجارية وتوسيع نطاقها من المنزل.
