«لا يمكنك أن تتجاهل السعر في أي عمل تجاري، هل تعرف ما الذي يمكن أن يقدمه السعر الرخيص لصاحب أي عمل تجاري؟ إنه يمنح العملاء فرصة تجربة منتجك، لا يمكنني أن أجرب قهوة جديدة بسعر 20 ريالا! لماذا أصلا يجب أن أترك المحل الذي اعتدت الشراء منه؟ يمكن أن أجربها فقط إذا كانت بـ 8 ريالات».
بهذه المرافعة استهل خبير اقتصادي تحدث لـ”قيود” أثر التسعير في قبول المستهلكين للمحلات الجديدة.
جاء هذا بعد افتتاح علامة تجارية سعودية لبيع القهوة فرعها الـ 250 وهي التي بدأت العام الجاري 2025 ولديها نحو 168 فرعا، أي أنها افتتح أكثر من 80 فرعا في 9 أشهر.
عنوان القهوة علامة سعودية فارقة بأكثر من 250 فرع بدون فرنشايز
هذا التوسع في سوق مزدحمة جدا وتنافسية وتزخر بالعلامات التجارية العالمية مثل ستاربكس ودانكن وبارنز والتي يملك كل منها أكثر من 500 فرع في السعودية، صعب التفسير، علق مختص في المقاهي لـ”قيود“: إنها علامة سعودية يديرها شباب و«الشباب يفهمون المجتمع» لذلك يلبون طلباته ويفوزون بولاء العملاء.
واستطرد: مجال القهوة ليس إلا مثالا واحدا، محلات الوجبات السريعة المحلية تنافس أرقى العلامات العالمية، علامة محلية يديرها شاب سعودي ومكونة من 30 فرعا تأخذ حصة من ماكدونالدز، وأضاف: بكل بساطة، هذا فهم لمتطلب العملاء، وفهم لطريقة التسعير، يظهر أثره في المبيعات العالية.
بحسب خبير الاقتصادي هذا النجاح يعود لعدة أسباب، إذ الشباب أكثر استعدادا لتجربة أفكار جديدة وغير تقليدية تقدم حلول مبتكرة لمشاكل قائمة أو احتياجات غير متوفرة في السوق، وهم يتقنون التقنية ويستخدمونها بشكل فعال لتنفيذ أعمالهم، والتسويق للوصول إلى جمهور واسع، كما أنهم متحمسون لمشاريعهم الشخصية، حيث يمثل المشروع بالنسبة لهم أكثر من مجرد عمل، هو تحد للنجاح لا يقبل أن يخسره.
هل المسألة في السعر فقط؟
بحسب آراء العملاء على موقع “إكس” والتي رصدتها نشرة “قيود”، فقد تصدرت الجودة قائمة أسباب هذا التوسع والنجاح السريع بنسبة 27%، حيث أشاد مرتادو سلسلة المقاهي بثبات مستوى القهوة في مختلف الفروع وبالنكهات المميزة التي لم تتغير منذ سنوات. وجاء السعر في المرتبة الثانية بنسبة 24%، إذ أكد الكثيرون أن الأسعار تصل في بعض المنتجات إلى أقل من النصف مقارنة بغيره من المنافسين.
قال بعضهم: إذا كنت اشرب القهوة كل يوم فمن الطبيعي لشخص صاحب دخل متوسط أن يرتاد مقاهي ذات تسعير مناسب، لا أريد فاتورة تصل لـ 1000 ريال شهريا من أجل القهوة.
متى أشتري بسعر مرتفع؟
ووفقا لورقة علمية منشورة عام 2021 في مجلة Journal of Consumer Research المختصة في أبحاث المستهلك هناك توازن معقد يجريه المستهلكون بين السعر والجودة عند اتخاذ قرار الشراء، إذ تُظهر النتائج أن أهمية كل عامل تتغير بشكل كبير بناء على مستوى اهتمام المستهلك، بمعنى أنه عندما يكون المنتج ذا أهمية عالية للمستهلك، مثل سيارة أو جهاز كمبيوتر تصبح الجودة العامل الأكثر أهمية.
أما عندما يكون المنتج ذا أهمية منخفضة مثل السلع الأساسية والاستهلاكية التي يتم شرائها بشكل يومي أو أسبوعي يصبح السعر هو العامل الحاسم، وتؤكد الورقة أن السعر ليس مجرد تكلفة، بل هو إشارة إلى الجودة، وهذا الارتباط يختلف حسب نوع المنتج.
السعر المرجعي.. متى تكون السلعة رخيصة؟
نظرية السعر المرجعي تعد حجر الزاوية في فهم تأثير السعر، إذ تشير إلى أن المستهلك لا يقيم السعر بشكل مطلق، بل يقارنه بـسعر مرجعي موجود في ذهنه، يمكن أن يكون هذا السعر المرجعي هو السعر الأصلي للمنتج، أو سعر منتج منافس، أو حتى السعر الذي يتوقعه المستهلك بناء على تجاربه السابقة، وهو – على سبيل المثال- عندما يشتري كوب قهوة بـ 7 ريالات يعد هذه سعر رخيص لأن أغلب المقاهي تبيعه بـ 14 ريالا.
تقول الدراسة: إذا كان السعر الحالي أقل من السعر المرجعي، يُنظر إليه كصفقة جيدة، مما يزيد من احتمالية الشراء، والعكس.
تحليل اقتصادي لسلوك المستهلك، يقول إن الأسعار المنخفضة ليست مجرد أداة لزيادة المبيعات، بل هي عامل نفسي أساسي يعمل على تقليل المخاطر المدركة لدى المستهلكين. وهذا التأثير يتجلى بوضوح في المنتجات الجديدة أو غير المألوفة، “إذا لم يحقق المنتج التطلعات، فإن الخسارة المالية تكون محدودة للغاية”، وهذا يشجع المستهلك على المخاطرة وتجربة منتجات لم يكن ليقبل عليها لو كانت بسعرها الكامل، بهذه الطريقة، يُصبح السعر المنخفض بوابته لتجربة منتجات جديدة بثقة أكبر.
