جميعنا نعلم أن معلومات المال تمتلك قوةً لا يُمكن إنكارها؛ فهي لغة عالمية تتحدث بصراحة وتروي قصة كل شركة ومؤسسة، وفي ظل هذا العالم المالي المتطور، تنشغل الأعين في البحث عن الأفراد الماهرين والمتخصصين القادرين على فهم هذه اللغة وترجمتها بمهارة؛ هنا يأتي دور الدورة المحاسبية كأداةٍ أساسيةٍ لتطوير فهمنا للمال وإدارته؛ فهي تشبه محاكاةً واقعية لجهاز القلب النابض للشركة، إذ تسجل كل نبضة مالية تدخل وتخرج؛ مما تعكس تدفق الأموال والمعاملات المالية، وتساهم في رصد وتحليل البيانات المالية الحيوية، ولن يكون هناك محل آخر أكثر أهميةً لتعلم اللغة المالية والمحاسبة الفعالة من هذه الدورة؛ لذا تابع معنا هذه المقالة التي سنستكشف فيها جوانب عديدة للدورة المحاسبية، والعناصر الأساسية لها، وكيفية تطبيقها بشكل صحيح.
ما هي الدورة المحاسبية؟
هي سلسلة من الخطوات المتتابعة التي تتبع في المؤسسات والشركات؛ لتسجيل وتوثيق المعاملات المالية، وإعداد البيانات المالية النهائية، وتهدف إلى توفير صورة واضحة وشاملة عن الوضع المالي للمنشأة، وتمكين أصحاب القرار من اتخاذ القرارات الاقتصادية والمالية الصحيحة.
تعد أتمتة هذه الدورة من خلال برامج المحاسبة السحابية أمرًا مهمًا في العصر الحديث، إذ تقدم هذه البرامج حلولًا متكاملة لإدارة جميع الجوانب بطريقة سهلة وفعالة؛ لذا إذا كنت تدير مؤسستك الخاصة أو تعمل في قسم المحاسبة؛ فإن استخدام برنامج محاسبة سحابي، مثل: قيود يمكن أن يكون له تأثير كبير على كفاءة ودقة العمليات المحاسبية اليومية، وإعداد البيانات المالية النهائية.
أهداف الدورة المحاسبية
إن الدورة المحاسبية لها أهداف متعددة ومترابطة تساهم في الحفاظ على سلامة وفاعلية نظام المحاسبة في المنشأة، ومن أهدافها ما يلي:
الاطلاع الشامل على المعلومات المالية
تهدف هذه الدورة إلى توفير إطار عام يسمح بالاطلاع الشامل على مختلف البيانات المالية للمنشأة، يتضمن ذلك: تسجيل ومعالجة المعاملات المالية بشكل صحيح وفعال، وإعداد القوائم المالية اللازمة، مثل: الميزانية العمومية، وقوائم الدخل، بالإضافة إلى التدفقات النقدية.
تقديم معلومات للأطراف الخارجية
تلعب الدورة المحاسبية دورًا حاسمًا في تزويد الأطراف الخارجية بمعلومات مالية دقيقة وموثوقة، تشمل هذه الأطراف: مصالح الضرائب، المستثمرين، المؤسسات المالية، وأيضًا الجهات الحكومية، ومن خلال توفير تقارير وبيانات مالية مفصلة؛ يمكن للدورة المحاسبية أن تساعد هذه الأطراف على فهم وتقييم وضع المنشأة المالي، واتخاذ القرارات المناسبة.
دعم عملية اتخاذ القرارات الإدارية
تساهم كذلك في توفير القوائم المالية والتقارير التحليلية التي تدعم صنع القرارات الإدارية، إذ يمكن للمدراء وأصحاب القرار في المنشأة الاعتماد على هذه المعلومات لتقييم أداء المنشأة، وتحديد النقاط القوية والضعف، وتحديد الفرص والتحديات، فضلًا عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق الأهداف المحددة.
منع الاحتيال وتدارك الأخطاء
تشكل هذه الدورة نظامًا للتحقق والمراجعة يساعد في اكتشاف الأخطاء والاحتيال المحتمل، فمن خلال وجود إجراءات داخلية صارمة للمراقبة والرقابة؛ تقلل مخاطر الخطأ العابر والاحتيال المحتمل؛ وبالتالي يعزز الدور المحاسبي الثقة في المعلومات المالية، والمصداقية العامة للمنشأة.
الركائز الأساسية للدورة المحاسبية
تشمل الركائز الأساسية للدورة المحاسبية عدة خطوات مهمة لتسجيل وتتبع المعاملات المالية للمنشأة بطريقة دقيقة ومنظمة، والتي يمكن اختصار هذه الركائز فيما يلي:
تسجيل المعاملات في دفتر اليومية
يعد دفتر اليومية أداة أساسية لتسجيل جميع المعاملات المالية للشركة، إذ تسجل المبالغ المالية المدخلة والمنصرفة بشكل يومي؛ مما يساعد ذلك في تتبع وتوثيق جميع العمليات المالية.
تقييد المعاملات
بعد تسجيل المعاملات في دفتر اليومية، يجب تقييدها في الحسابات المحاسبية المناسبة، إذ تُعين حسابات محددة لكل نوع من المعاملات؛ مما يسهل عملية التصنيف والتحليل المحاسبي للمعلومات المالية.
ترحيل المعاملات إلى دفتر الأستاذ
بعد تقييد المعاملات، تنتقل إلى دفتر الأستاذ، والجدير بالذكر أن دفتر الأستاذ يعد سجلاً مركزيًا يحتوي على تفصيل حسابات المنشأة المالية، إذ تسجل المعاملات في الأستاذ حسب الحسابات المحددة؛ مما يساعد ذلك في تتبع الأرصدة، وتحليلها.
إعداد ميزان المراجعة
يعد ميزان المراجعة بناءً على المعلومات المسجلة في دفتر الأستاذ، إذ يعكس الأرصدة الائتمانية والمدينة لكل حساب، ويساعد في تحليل وتقييم الأداء المالي للمنشأة.
مراحل الدورة المحاسبية
تعد الدورة المحاسبية أساسية لنجاح واستمرارية أي منشأة، إذ يتكون هذا العمل الحيوي من ثماني خطوات رئيسة تعمل كأساس للعمليات المحاسبية الصحيحة، والتي تتمثل فيما يلي:
معرفة المعاملات المالية
تعد هذه الخطوة الأولى في الدورة هي الأهم، إذ يتعين علينا جمع ورصد جميع المعاملات المالية في مكان واحد، سواء كانت فواتير مُرسَلَة إلى العملاء، أو مبيعات مُسجلة في ملف معين، والجدير بالذكر أن دورنا في هذه الخطوة يتمثل في رصد هذه البيانات، وتحديد الدائن والمدين، إذ يمكننا تطبيق الخطوات التالية بسلاسة.
قد تستغرق هذه الخطوة وقتًا وجهدًا، ولكنها ضرورية للحصول على أرقام مالية دقيقة، والجدير بالذكر أنه يجب أن نشير إلى أن المنشآت التي تستخدم برامج محاسبة سحابية، مثل: قيود، يمكنها تجاوز هذه المشكلة بسهولة، إذ يمكنها الوصول إلى جميع بياناتها المالية بسرعة وفي أي وقت.
تسجيل البيانات في دفتر اليومية
يعد دفتر اليومية أداة محاسبية تقوم بتسجيل المعاملات المالية للمنشأة، سواء: يوميًا أو أسبوعيًا أو حتى شهريًا، ويستخدم المحاسب في هذا الدفتر طريقة القيد المزدوج لتسجيل المعاملات، والتي تعني: زيادة في طرف ونقصانًا في طرف آخر.
على سبيل المثال: إذا قمت بشراء أثاث لمكتبك؛ فإن رصيد حسابك البنكي سينقص؛ نظرًا لاستخدامك لهذا الحساب في عملية الشراء.
لا تنسَ أن دفتر اليومية يهتم بجميع المعاملات المالية الجارية في المنشأة، بغض النظر عن نوعها، وقد يشمل ذلك بيع خدمة لعميل بمبلغ معين، أو شراء أثاث للمكتب بمبلغ آخر… وهكذا.
مثال
- إذا اشترينا نقدًا بعض المشتريات بمبلغ 60000 ريال سعودي.
- ثم بيعت أحد البضائع للعملاء بمبلغ 100000 ريال سعودي.
- وقمت بشراء بضاعة من الموردين بمبلغ 50000 ﷼.
- بيعت كذلك بضاعة نقدًا بمبلغ 200 ألف ﷼
- دفعت إيجار نقدًا بمبلغ 20000 ﷼
كل ذلك يوضح أن هناك حساب زيد وآخر نقص؛ لذلك ستسجل وفقًا للقيد المزدوج في دفتر اليومية كما يلي:
رقم القيد
|
بيــان
|
دائن
|
مدين
|
2
|
من ح/ المشتريات إلى ح/ النقدية
|
60000
|
60000
|
4
|
من ح/ العملاء إلى ح/المبيعات
|
100000
|
100000
|
6
|
من ح/ الموردين إلى ح/ أوراق الدفع
|
50000
|
50000
|
8
|
من ح/ النقدية إلى ح/ المبيعات
|
200000
|
200000
|
10
|
من ح/ الإيجار إلى ح/ النقدية
|
20000
|
20000
|
بعد تسجيل كافة المعاملات المالية التي تمت يوميًا؛ تكتمل الخطوة الأولى من الدورة المحاسبية بشكل جيد.
ترحيل البيانات من دفتر اليومية إلى دفتر الأستاذ
يعد ترحيل البيانات من دفتر اليومية إلى دفتر الأستاذ أحد ركائز الدورة المحاسبية الأساسية، ففي هذه الخطوة، تنقل جميع البيانات المالية المسجلة في دفتر اليومية إلى دفتر الأستاذ، ويتطلب ذلك وضع تاريخ لكل قيد مالي؛ لمعرفة توقيته وطبيعته، ويفضل استخدام دفتر الأستاذ الموجود في برامج المحاسبة؛ لسهولته ومرونته في التخصيص.
في دفتر اليومية السابق تستطيع فتح حساب النقدية كما يلي:
من ح /حساب النقدية إلى ح/
من ح/ المشتريات
|
60000
|
إلى ح/ المبيعات
|
200000
|
من ح/ الإيجار
|
20000
|
|
|
رصيد مرحل
|
120000
|
|
|
|
80000
|
|
200000
|
|
|
رصيد منقول
|
120000
|
إعداد وبناء ميزان المراجعة
ميزان المراجعة هو جمع الأرصدة المالية وتقسيمها إلى قسمين: دائن ومدين، ويجب أن تتساوى، ولكن إذا لم تتساوَ؛ فهذا يشير إلى حدوث أخطاء إما في تسجيل القيود في دفتر اليومية، أو أثناء ترحيلها إلى دفتر الأستاذ؛ مما يعطي صورة واضحة عن وضع المنشأة المالي خلال الفترة المحاسبية.
يمكن عمل ميزان المراجعة إما ربع سنوي أو نصف سنوي حسب حجم أعمال أو رغبتها، وانظر المثال التالي لتتضح لك الرؤية:
الدائن
|
المدين
|
الحساب
|
|
30000
|
النقدية
|
|
80000
|
الآلات والمعدات
|
|
150000
|
المباني
|
5000
|
|
أوراق الدفع
|
240000
|
|
الإيرادات
|
15000
|
|
إيراد الإيجار
|
260000
|
260000
|
الإجمالي
|
معرفة قيود التسوية
تشمل قيود التسوية ترحيل أو تحميل الإيرادات والمصروفات لكل فترة مالية على حدة، وتشمل: عمل التسوية الضريبية، وإجراء التأجيلات، وإجراء المستحقات، وأيضًا تسوية أي معاملة مفقودة؛ لذا يجب معرفة قيود التسوية؛ لضمان توازن المعاملات المالية.
إعداد ميزان المراجعة بعد قيود التسوية
بعد إضافة قيود التسوية إلى ميزان المراجعة، يجب إعادة إعداده مرة أخرى، فذلك أحد ركائز الدورة المحاسبية الأساسية؛ لضمان اكتماله، إذ يجب أن يتساوى الدائن والمدين في الميزان، وإذا لم يحدث ذلك؛ فيجب معرفة السبب ومعالجتها؛ لأن ميزان المراجعة الصحيح يمكن أن يستخدم لإعداد القوائم المالية المهمة.
تحضير القوائم المالية المهمة
في نهاية الفترة المحاسبية، يجب إعداد ثلاث قوائم مالية رئيسة: قائمة الدخل، وقائمة المركز المالي، وكذلك قائمة التدفقات النقدية.
إغلاق الحسابات
عند إغلاق الحسابات، تُصفى وتسوى الأرصدة المالية، وتحول إلى السجلات المالية الدائمة، إذ تغلق حسابات الإيرادات والمصروفات والدخل والمركز المالي للسنة المالية السابقة، وبمجرد إغلاق الحسابات، يبدأ العام المالي الجديد بصفر، وتبدأ العملية من جديد.
مع ذلك، هناك بعض الحسابات التي لا تُغلق وتبقى مفتوحة دائمًا، وتشمل: الأصول والخصوم، إذ يحتفظ بحسابات الأصول والخصوم مفتوحة؛ لأنها حسابات دائمة، وتستمر في التأثير على النتائج المالية للمنشأة على مدار السنوات.
الجدير بالذكر أنه بإغلاق الحسابات، تطهر السجلات المحاسبية، وتجهز المنشأة؛ للبدء في دورة محاسبية جديدة، وتطبق إجراءات الإغلاق؛ لضمان توازن السجلات المالية، وتقديم صورة دقيقة للموقف المالي للمنشأة في نهاية السنة المالية.
أقراء ايضا: ما هو دفتر اليومية وما الفرق بينه وبين دفتر الأستاذ
في الختام
نجد أن الدورة المحاسبية تلعب دورًا حيويًا في نجاح أي منظومة مالية أو تجارية؛ فهي الضمان الذي يحقق تدفق المعلومات المالية بطريقة دقيقة وشفافة، ويوفر الأدوات اللازمة لاتخاذ القرارات الاستراتيجية الصائبة، توفر هذه الدورة أيضًا آليات للرقابة والمراقبة؛ مما يساعد على اكتشاف الاختلالات المحتملة والتلاعب المالي، وبفضلها، يمكن للشركات والمؤسسات الاعتماد على المعلومات المالية الدقيقة؛ لتحقيق النمو والاستدامة، ومع تطور التكنولوجيا، تشهد هذه الدورة تطورًا مستمرًا، إذ يُتبنى الحلول الرقمية والذكاء الاصطناعي في عمليات المحاسبة؛ وبالتالي هذا يسهم في تحسين كفاءة العمل، وتقليل الأخطاء؛ مما يوفر مزيدًا من الوقت والجهد للتركيز على الأنشطة الاستراتيجية الأخرى؛ لذا فإن فهم الدورة المحاسبية وتنفيذها بشكل صحيح يعد أمرًا ضروريًا لنجاح أي مؤسسة تجارية.
يجب أن نولي هذه الدورة الاهتمام اللازم، وتوفير الموارد الضرورية؛ لتحسينها وتطويرها باستمرار، ولا تنسَ أن تجرب برنامج المحاسبة السحابي المتكامل قيود، إذ يمكنك اختبار جميع مراحل وإجراءات هذه الدورة بسهولة ودقة، والجدير بالذكر أن البرنامج يقدم أيضًا لجميع عملائه: أنظمة الفاتورة الإلكترونية، وكذلك نظام نقاط البيع، والمخازن، والعملاء… وهكذا دواليك.
بعد معرفتك ما هي الدورة المحاسبية، والركائز الأساسية لها؛ جرِّب قيود الآن مجانًا، ولمدة 14 يومًا، ولننطلق معًا في التعرف على سحر وقوة هذه الدورة في تحويل الأرقام المالية إلى قصة مالية شيقة.
انضموا إلى مجتمعنا الملهم! اشتركوا في صفحتنا على لينكد إن وتويتر لتكونوا أول من يطلع على أحدث المقالات والتحديثات. فرصة للتعلم والتطوير في عالم المحاسبة والتمويل. لا تفوتوا الفرصة، انضموا اليوم!