دورة المشتريات: من التخطيط إلى التسوية المالية

دورة المشتريات هي مجموعة من العمليات والخطوات المرتبة والمنسقة التي تتضمن جميع الأنشطة اللازمة للحصول على المنتجات أو الخدمات التي تحتاجها المؤسسة بشكل فعال وبتكاليف مناسبة. تهدف هذه الدورة إلى ضمان توريد المواد في الوقت المحدد، بالجودة المطلوبة، وبأفضل الأسعار، مع إدارة العلاقات مع الموردين وتحقيق أقصى قدر من الكفاءة التشغيلية.

تعريف دورة المشتريات بالتفصيل:

تُعرف دورة المشتريات على أنها المسار الكامل من بداية تحديد الحاجة إلى شراء منتج أو خدمة، مرورًا بجمع المعلومات والتقييم، ثم اختيار الموردين، وأخيرًا إتمام عمليات الشراء، واستلام المدفوعات، وتوثيق كل مرحلة بشكل منظم لضمان تتبع العمليات وتحقيق الامتثال المالي والإداري.

خطوات دورة المشتريات الأساسية:

1. تحديد الاحتياجات: تحديد الأدوات أو المواد أو الخدمات المطلوب شراؤها، بما يتوافق مع خطة العمل والأهداف الاستراتيجية.
2. طلب العروض: التواصل مع الموردين المحتملين للحصول على عروض أسعار ومقارنة الخيارات المتاحة.
3. اختيار المورد: تقييم العروض بناءً على السعر والجودة وأوقات التسليم، ثم اختيار المورد الأنسب.
4. إصدار أمر الشراء: توثيق الاتفاق مع المورد عبر إصدار أمر رسمي يمثل عقد الشراء.
5. استلام وتفتيش: استلام المواد والتأكد من مطابقتها للمواصفات والجودة.
6. المراجعة والتسوية: مطابقة الفواتير مع أوامر الشراء وإشعارات الاستلام، ثم الدفع للمورد.
7. التوثيق: تسجيل جميع العمليات والمستندات المتعلقة بالعملية الشرائية للمتابعة والتدقيق.

أهمية دورة المشتريات:

تمكن المؤسسات من تقليل التكاليف، تحسين الكفاءة، تعزيز العلاقات مع الموردين، وضمان توفر المواد الأساسية بشكل مستمر ودون انقطاع، وهو أمر ضروري لتحقيق النجاح والأرباح المستدامة.

مراحل دورة المشتريات

مراحل دورة المشتريات هي مجموعة من الخطوات الأساسية التي تضمن استكمال عملية الشراء بشكل منظم وفعّال، وهي تشمل:

1. تحديد الاحتياجات والمتطلبات

تبدأ دورة المشتريات بتحديد واضح ومفصل لاحتياجات المؤسسة من المواد أو الخدمات. يشمل ذلك تعريف نوعية، كمية، جودة، ومواصفات ما يجب شراؤه، بناءً على خطة العمل وتحليل الطلب الفعلي لضمان تلبية العمليات التشغيلية دون تخزين زائد أو نقص.

2. البحث عن الموردين وجمع المعلومات

يتم في هذه المرحلة البحث عن الموردين المحتملين عبر مصادر مختلفة، وجمع بيانات حول جودة المنتجات، الأسعار، مواعيد التسليم، سمعة المورد، وشروط التعاقد. الهدف هو تكوين قائمة مختصرة من الموردين القادرين على تلبية متطلبات المؤسسة بكفاءة.

3. تقييم عروض الأسعار واختيار المورد

بعد استلام عروض السعر والعروض الفنية من الموردين، يقوم فريق الشراء بتحليلها ومقارنتها بناءً على التكلفة، الجودة، الالتزام بالمواعيد، وشروط الدفع، لاختيار العرض الأمثل من حيث أفضل قيمة مقابل المال.

4. إصدار أمر الشراء واعتماد الطلب

يتم إصدار أمر شراء رسمي يتضمن كل التفاصيل المتعلقة بالمنتجات أو الخدمات المطلوبة من حيث الكميات والأسعار ومواعيد التسليم. يخضع الأمر لعملية اعتماد داخلية لضمان توافق الطلب مع الميزانية والسياسات المعتمدة.

5. استلام البضاعة أو الخدمة والفحص

عند وصول البضائع أو تقديم الخدمة، يتم فحصها بدقة للتأكد من مطابقتها للمواصفات المتفق عليها من حيث الجودة والكميات، مع تحرير تقرير الاستلام الذي يؤكد قبول الموردية.

6. مطابقة الفواتير والتسوية المالية

تتم مقارنة فاتورة المورد مع أمر الشراء وإشعار الاستلام في عملية تدعى “المطابقة الثلاثية”، لضمان دفع مقابل ما تم استلامه فقط وعدم وجود أخطاء أو اختلافات.

7. تسجيل العملية في نظام قيود المحاسبي

في هذه المرحلة يتم توثيق جميع مستندات العملية المحاسبية من طلب شراء، أمر شراء، استلام، فاتورة، ودفع، ضمن نظام قيود المحاسبي، بحيث تُحدث الحسابات المالية تلقائيًا مثل حساب الموردين والمخزون، مما يسهل تدقيق العمليات المالية وتحليل الأداء.

أيضا تضمن تحقيق أهداف المشتريات من توفير الوقت، تحكم أفضل في التكاليف، وضمان جودة ووفرة المواد والخدمات المطلوبة للمؤسسة، مع توثيق ومتابعة دقيقة عبر الأنظمة المحاسبية الحديثة.

الدورة المستندية للمشتريات تشير إلى النظام المنظم لتوثيق وتسجيل كافة المستندات والوثائق المتعلقة بعملية الشراء داخل المؤسسة، وهو أمر ضروري لضبط العمليات، ضمان الشفافية، وتعزيز الرقابة المالية والإدارية.

أهم الوثائق في الدورة المستندية للمشتريات:

• طلب الشراء (Purchase Requisition)

هو المستند الذي يبدأ به العمل، حيث يقوم القسم أو الإدارة التي تحتاج إلى المشتريات بتحديد الأصناف والكميات والمواصفات اللازمة، ويرفق طلب الموافقات الداخلية لضمان أن الشراء مخطط له ومصرح به.

• عروض الأسعار (Requests for Quotation – RFQ):

تُرسل إلى الموردين المحتملين للحصول على عروض سعرية تفصيلية، مما يتيح مقارنة الأسعار والجودة والشروط لاختيار العرض الأفضل.

• أمر الشراء (Purchase Order):

هو الوثيقة الرسمية التي تُصدرها إدارة المشتريات للمورد المقبول، وتتضمن كافة التفاصيل: أصناف، كميات، الأسعار، مواعيد التسليم، وشروط الدفع، وتشكل عقد تعامل ملزم للطرفين.

• عقود الشراء (Contracts):

تستخدم في العمليات الأكبر أو التي تتطلب شروط خاصة، حيث يتم توثيق جميع البنود القانونية والفنية لضمان حقوق الطرفين وتحمل الالتزامات.

• إيصالات استلام البضائع (Goods Receipt Note):

تُعتبر دليلاً على استلام البضائع أو الخدمات، يصدرها قسم الاستلام بعد الفحص والتأكد من أن المواد المستلمة مطابقة للمواصفات والكميات المطلوبة.

• فواتير الشراء (Purchase Invoice):

يقدمها المورد كطلب للدفع، ويجب أن تطابق تفاصيل الفاتورة أمر الشراء وإيصال الاستلام حتى يتم تجنب الأخطاء والاحتيال المالي.

• مستندات الدفع:

تتضمن إشعارات الدفع، وسندات الصرف أو الشيكات، وتوثق عملية تسديد المستحقات للموردين.

أهمية التنظيم والرقابة في توثيق العمليات:

• ضمان الامتثال:

توثيق كل خطوة في دورة المشتريات يضمن الالتزام بالإجراءات الداخلية والسياسات المالية المعتمدة، مما يمنع النزاعات والاختلاسات.

• توفير الشفافية

الملفات الموحدة تتيح مراجعة ومتابعة العمليات بسهولة من قبل الإدارات المختلفة والمدققين.

• تحقيق الرقابة المالية

المستندات تسهل التحقق من صحة المشتريات ومدى تطابقها مع الموافقات والميزانيات.

• دعم اتخاذ القرار

توفر التقارير المستندة إلى الوثائق معلومات دقيقة لتحسين استراتيجيات المشتريات وتقليل التكاليف.

• تسهيل التدقيق والامتثال القانوني

تساعد في تقديم وثائق واضحة عند التدقيق الداخلي أو الخارجي والامتثال لمتطلبات الجهات المختصة.

باستخدام نظم رقمية مثل نظام قيود المحاسبي، يمكن أتمتة دورة المستندات هذه لتقليل الأخطاء، تسريع العمليات، وزيادة الكفاءة في إدارة المشتريات ضمن المؤسسات الحديثة.

التحديات في دورة المشتريات

تواجه دورة المشتريات العديد من التحديات التي تؤثر على كفاءة وفعالية عمليات الشراء داخل المؤسسة. من أبرز هذه التحديات:

1. تقلب الأسعار

تتغير أسعار المواد الخام والبضائع بشكل متكرر بسبب التضخم، تغيرات سعر صرف العملات، واضطرابات سلسلة التوريد. هذا يؤدي إلى صعوبة التنبؤ بتكاليف الشراء ويؤثر سلبًا على الميزانيات المخططة.

2. محدودية الموردين

في بعض الصناعات، قد يكون عدد الموردين محدودًا أو محتكرًا للسوق، مما يقلل فرص التفاوض للحصول على أفضل الأسعار ويعرض المؤسسة لخطر الاعتماد على مصدر واحد.

3. ضعف الأنظمة والتقنيات

الاعتماد على أنظمة يدوية أو أنظمة غير متكاملة يؤدي إلى أخطاء في البيانات، بطء العمليات، وصعوبة في تتبع العمليات الشرائية بدقة، ما يعرقل اتخاذ القرارات السليمة.

4. تأخر التسليم

تأخير الموردين في توصيل المواد يُعيق سير العمل ويسبب توقف الإنتاج، مما يؤثر على الالتزام بالمواعيد النهائية ويزيد التكاليف التشغيلية.

5. ضعف جودة المعلومات

قلة المعلومات الدقيقة عن المنتجات والموردين تجعل من الصعب تقييم العروض بشكل صحيح، مما يعرض الشركة لمخاطر شراء منتجات بجودة أقل من المطلوبة.

6. قيود الميزانية وتعنت الإدارة

قد تواجه إدارة المشتريات قيودًا مالية تمنعها من شراء الكميات أو الجودة المطلوبة، بالإضافة إلى تعنت إداري قد يعيق الموافقات أو يحد من المرونة في اتخاذ القرارات.

7. الامتثال القانوني والتنظيمي

عدم الإلمام بالقوانين الضريبية والجمركية والبيئية يؤدي لمخاطر قانونية وعقوبات مالية، ويؤثر على سمعة الشركة والتزامها التنظيمي.

كيفية مواجهة التحديات ورفع الكفاءة:

• استخدام أنظمة تقنية متكاملة

مثل برامج ERP أو نظم مثل قيود التي تسهل توثيق العمليات وتحليل البيانات بدقة، مما يحسن من سرعة اتخاذ القرار وكفاءة العمليات.

• تنويع مصادر الشراء

البحث عن موردين جدد وتنويع مصادر التوريد لتقليل الاعتماد على مورد واحد.

• تطوير مهارات فريق الشراء

تدريب مستمر لتطوير قدرات التفاوض وإدارة المخاطر.

• مراقبة السوق بانتظام

متابعة تغيرات الأسعار والعرض والطلب للاستجابة بسرعة.

• تبني استراتيجيات مرنة في الميزانية

تسمح بالتكيف مع تغيرات التكاليف دون تعطل العمليات.

• تقوية الرقابة التنظيمية

عبر تدقيق مستمر لتطبيق القوانين والسياسات.

هذه الاستراتيجيات تساعد في تخطي التحديات الشائعة وتحسين أداء دورة المشتريات لتحقيق أفضل النتائج التشغيلية والمالية للمؤسسة.

العلاقة بين المشتريات والمخزون 

العلاقة بين إدارة المشتريات وإدارة المخزون علاقة تكاملية وحيوية في أي مؤسسة تهدف إلى تحقيق كفاءة التشغيل وتقليل الهدر. إدارة المشتريات مسؤولة عن توفير المواد والسلع اللازمة للعمل بكميات مناسبة وبجودة وسعر مناسبين، في حين أن إدارة المخزون تهتم بتنظيم تخزين هذه المواد وضمان توفرها بشكل مستمر دون زيادة أو نقصان.

تؤثر إدارة المشتريات على المخزون من خلال التنسيق المستمر مع إدارة المخازن لمعرفة الكميات المتوفرة ومعدلات الاستهلاك، مما يساعد على تحديد الكميات المطلوب شراؤها بدقة، فتجنب نقص المواد الذي يعرقل الإنتاج، وكذلك تخفيض المخزون الفائض الذي يسبب هدر موارد ويزيد من تكاليف التخزين. كذلك، تساهم إدارة المشتريات في تحسين جودة المخزون عبر اختيار موردين موثوقين يوفرون منتجات مطابقة للمواصفات.

التعاون بين الإدارتين يضمن أيضًا حسن استغلال مساحة التخزين، تنظيم الأصناف حسب معدلات الدوران، وتسهيل عمليات جرد المخزون الدوري. بمعنى آخر، إدارة المشتريات تخطط لاحتياجات المواد على أساس بيانات المخزون، وإدارة المخازن توفر بيانات دقيقة عن مستويات المخزون، وحالة البضائع، وحركة الصرف والاستلام.

عند تطبيق هذه العلاقة بشكل فعال، تتحقق فوائد عدة منها تعزيز استمرارية العمل، خفض التكاليف التشغيلية، تقليل خسائر المخزون بسبب التلف أو التخزين غير المناسب، وتحسين تدفق المعلومات بين الإدارتين مما يسهل اتخاذ قرارات شراء مدروسة ومستندة على بيانات حقيقية. أيضاً، استخدام أنظمة رقمية متقدمة مثل نظام قيود المحاسبي يساعد في دمج بيانات المشتريات والمخزون لتوفير رؤية شاملة وفي الوقت الحقيقي عن حالة الموارد، مما يدعم الأداء التنظيمي والمالي للمؤسسة.

 ملخص العلاقة بين إدارة المشتريات وإدارة المخزون في جدول مبسط:

الجانب	توضيح
التنسيق والتخطيط	تعمل إدارة المشتريات مع إدارة المخازن لوضع جداول زمنية وكميات شراء تلبي احتياجات المؤسسة وتراعي قدرات التخزين.
تحديد الكميات	إدارة المشتريات تحدد كميات الشراء بالتعاون مع المخازن وفق مستويات المخزون (الحد الأدنى، نقطة إعادة الطلب، الحد الأقصى).
ضمان استمرارية العمل	توفير المواد في الوقت المناسب يمنع انقطاع الإنتاج بسبب نقص المخزون.
تقليل التكاليف والهدر	تجنب التخزين الزائد يقلل من تكاليف التخزين والهدر الناتج عن تلف المواد.
تحسين جودة المخزون	اختيار موردين موثوقين يضمن وصول مواد ذات جودة عالية، ويتحقق ذلك من خلال فحص المخازن.
تبادل البيانات والمعلومات	يدعم التعاون تبادل معلومات دقيق عن حركة المخزون، الاستهلاك، وتوفر المواد، لتخطيط مشتريات أفضل.
رفع كفاءة التشغيل	التنسيق يؤدي إلى تنظيم الأصناف، سهولة عمليات الجرد، وسلاسة سحب المواد عند الحاجة.
التكامل الرقمي	استخدام أنظمة محاسبية وبرامج إدارة متكاملة مثل قيود يحسن تكامل بيانات المشتريات والمخزون ويعزز الرقابة المالية والتشغيلية.

يجمع هذا الجدول أهم أوجه التعاون والتكامل بين إدارات المشتريات والمخزون لتحقيق توازن فعّال بين توافر المواد والكفاءة التشغيلية وتقليل الكلفة والهدر.

أقراء ايضا:إدارة المشتريات، تعرف على كل التفاصيل التي تهمك عنها واكتشف طرق تقييم أدائها

أسئلة شائعة

ختاما

في ختام المقال، يتضح أن إدارة المشتريات تلعب دورًا حيويًا وأساسيًا في نجاح أي مؤسسة تجارية أو صناعية. فهي ليست مجرد عملية شراء مواد وخدمات، بل هي منظومة متكاملة تتطلب تخطيطًا دقيقًا وتنفيذًا منظمًا يهدف إلى توفير المستلزمات بأعلى جودة وأقل تكلفة في الوقت المناسب.

إدارة المشتريات تؤثر بشكل مباشر على كفاءة العمليات التشغيلية من خلال تعزيز التنسيق مع إدارات أخرى مثل المخزون والمحاسبة، وكذلك تحسين التدفق المالي وتقليل الهدر. كما أن توثيق العمليات واستخدام الحلول الرقمية الحديثة مثل أنظمة إدارة المشتريات والمخزون يعزز الشفافية ويساعد على اتخاذ القرارات المبنية على بيانات دقيقة.

لذلك، الاستثمار في تطوير مهارات فرق المشتريات، واعتماد استراتيجيات مرنة، واستخدام التكنولوجيا الملائمة يمثل مفتاحًا لتعزيز القدرة التنافسية للمؤسسة وتحقيق أهدافها الاستراتيجية بكفاءة وفعالية. في النهاية، نجاح إدارة المشتريات هو مساهمة مباشرة في تحقيق نمو الأعمال واستدامتها وسط بيئة تنافسية متغيرة.